تشهد الساحة الداخلية للاتحاد العام التونسي للشغل تصاعدًا ملحوظًا في التوترات، حيث برزت خلافات علنية أدت إلى انقسام حاد بين تيارين رئيسيين داخل المنظمة. تدور هذه الخلافات حول دور الاتحاد في ظل التحولات السياسية التي تشهدها البلاد، لا سيما في ما يتعلق بموقفه من مسار الرئيس قيس سعيد وتقييم أداء المنظمة تجاه السلطة الحالية. ومع تزايد الأصوات المطالبة بتجديد القيادة من داخل الاتحاد، يتجلى الانقسام بوضوح أكبر.
المحللون يشيرون إلى أن هذا الانقسام قد تعمق بعد أن قلصت السلطة من الدور السياسي الذي كان يلعبه الاتحاد، حيث حدد الرئيس قيس سعيد نشاط المنظمة في إطار ضيق مقتصر على المهام النقابية التقليدية ومنعها من التدخل في القضايا السياسية. هذا التحول يعدّ جوهريًا مقارنة بالدور المؤثر الذي كان للاتحاد في صنع القرار السياسي والتوسط في الأزمات السابقة.
في الآونة الأخيرة، برز تياران متعارضان داخل الاتحاد: تيار تقليدي يصر على استمرار دور الاتحاد السياسي ويطالب بالتصعيد ضد السلطة من خلال دعوات للإضراب العام، وتيار آخر يدعم الرئيس قيس سعيد ويدعو لتجديد القيادة الحالية، مشيرًا إلى قرارات اعتبرها متخبطة وغير مدروسة أضرت بمصلحة الاتحاد.
رغم الخطورة المحتملة لدعوة الإضراب العام، يعتقد المراقبون أن تنفيذها قد يكون صعبًا. الفشل في هذه الخطوة قد يشكل ضربة قاسية للاتحاد على الصعيدين الشعبي والنقابي، مما يهدد مستقبله.
في هذا السياق، أعرب المحلل السياسي باسل الترجمان عن قلقه من مغامرة الإضراب العام، مشيرًا إلى أنها قد تكون “قفزة نحو المجهول” بالنسبة للقيادة الحالية التي سبق لها خوض تجارب مشابهة. وأضاف الترجمان أن الاجتماع الأخير في مدينة المنستير يجب أن يدفع قواعد الاتحاد للتفكير بجدية في مسار المنظمة والأطراف المسؤولة عن الأزمة. كما أشار إلى أن الاتحاد يعاني من انفصال تام عن قواعده، وأن مواقفه السياسية لا تعكس دائمًا توجهات القواعد. تساءل الترجمان عن قدرة الاتحاد على تنفيذ الإضراب، محذرًا من أن فشل هذه الخطوة قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع الدولة ويترك آثارًا سلبية على المنظمة.